lundi 31 juillet 2017

الطالب في كرسي الاختيار


للأسف كل ما شاركتي به صحيح  في" خوارزمية اختيار التخصص"، فقد أحطْتِ بواقع المشكلة من جوانب كثيرة ووصفت سُبلا ومسارات مهمة للحل.


الهدف هو أن تعطى فرصة وافية للطلبة وبالأخص الأغلبية منهم ممن ربما لا يدركون حجم المسئولية، ولا يُقَّدِرون أهمية الفرصة والتحدي في نفس الوقت- ليجعلوا من حياتهم شيئا يستحق أن يُحيَى لأجله، عن طريق اختيار مجال الإنجاز والعطاء المناسب من البداية. وهذا الشيء هو حتما أكبر من مجرد التخصص الدراسي أو الوظيفة المستقبلية، فهذه الأخيرة وبالرغم من أنها ستأخذ من أعمارنا الجزء الأكبر، إلا أنها في إشباعها لحاجاتنا العقلية والنفسية والروحية...قد تكون نسبية ومتقلبة تقلب الأزمان، الأماكن والأحوال .

                          


أعتقد أن وضع الطلبة في موضع الاختيار الصعب هو في حد ذاته تجربة فريدة للنضج، تدعوه إلى طرح كل التساؤلات المفيدة عن نفسه وما يريد أن يفعله بحياته.

 أرى أن الحكمة وغاية إرادة الخير لهم هو أن يعطوا هذه الفرصة مبكرا ويتم توجيههم من طرف المؤهلين لذلك. ليس فقط عن طريق اللقاءات والمحاورات التوعوية التي يبقى فيها التلميذ متلقيا للمعلومات ولتجارب الآخرين بشيء من البرودة -وإن كان لها دورها وفائدتها- ولكن عن طريق مرافقتهم في اجتياز اختبارات اكتشاف الذات والانطلاق من نتائجها ومن رغباتهم الأصلية ومن سيناريوهات نتائج لهم محتملة إلى الوقوف على حقيقة المهن الممكنة لهم والاحتكاك بأهلها في ميدان ممارستهم لها، فليس الخبر كالمعاينة. وضع الطالب في كرسي الاختيار سيدفعه ليبدأ من حينها رحلة البحث والتجريب، ويبدأ يفرض واقعه الذي اختار على محيطه، عن وعي وقناعة تكسبه القوة والاستقلالية بدل الحيرة وتقمص دور الضحية الذي نراه.

أقول ضحية بكل احترام، فأكثرنا عاش تلكم القصة. فأن أعذر حيرة كثير من الطلاب الذين لم يُدْعَوا ولم يُحَضَّرُوا يوما لاتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية –بمستوى الوعي الشائع-. أما وأنهم غير مهيئين عقليا لاتخاذ القرار الصائب فهذا ما دربناهم عليه منذ صغرهم، فهو واقع له أسبابه الموضوعية المرتبطة أكثر بطريقة التنشئة وأقل بسن بالنضج الوظيفي أو العقلي الذي أشار إليه الدكتور. فأنضج الناس أكثرهم تجاربا وأكثرهم تحملا للمسؤوليات الحياتية، والنماذج الواقعية الكثيرة من المجتمع تشهد لذلك. فمنذ عشرات السنين فقط، كان لا يعقل أن يصرف الوالد على ولده الذكر ذي 18 سنة. أما اليوم فحتى وهو في الجامعة فأكثرهم لا يزال متكئا على منح الأهل والوزارة غير مكابد لأي مسؤولية، فأنى النضج والرشد. 

كل ما قدمتيه من مصادر لاختبارات التعرف على الذات وكل النصائح، الخطوات والتوجيهات الأخرى، نابعة من إيمان منك أنها نافعة في رفع وعيهم وإمدادهم بأسباب الاختيار الراشد، على الأقل من كانت له منهم أدنى إرادة.

شخصيا أعتقد، أن الأهم والأخطر من هذا المخاض العسير الذي نشهده كل سنة هو أن نعمل ونكون جميعا مستعدين لتغيير المسار المهني مرات عديدة، ونطور قدراتنا على تعلم مجالات مختلفة طوال مشوارنا الحياتي. ولمّا أقول مشوارنا الحياتي فأن أقصد القريب منه (10-15 سنة القادمة) أكثر منه البعيد الذي يبقى حتى عند أكثر المستشرفين علما مليء بالمجاهيل التي يصعب التخطيط لها.

قد يبدو هذا مبالغة وتعقيد زائد للأمور، ولكنه آت قريبا لا محالة، فتسارع التطور التكنولوجي سيلقي أكثر من لم يبني استقلاليته الفكرية، روح المبادرة وتحمل المسؤولية خارج معادلة الريادة وربما حتى خارج سوق العمل الراقي. أدعوك لقراءة المقال المعنون بـ

Une étude affirme que 85% des emplois de 2030 n'existent pas aujourd'hui. 

إن كان التاريخ الذي وضعوه ليس قدرا مقدورا ولكن المسار واتجاه العالم يبدو أنه لا محالة حتما مقضيا.


ربما هذه مسألة أخرى أكبر من موضوعنا والحديث ذو شجون.

بقلم

1 commentaire:

  1. شكرا على التنويه، ربما الفقرة الأخيرة قد تثير الريبة لدى البعض، سأجليها إن شاء الله عن قريب في مشاركة أخرى.
    في الانتظار فلتقرؤوا المقال الذي نشرته كبرى المؤسسات الإعلامية ، الاقتصادية والمالية، على أي من الروابط التي تظهر في البحث التالي https://goo.gl/8FD8s3

    RépondreSupprimer